تخفي الممثلة النجمة نادين الراسي خلف نجاحاتها، الكثير من القصص التي تعبق بالتجارب واحياناً الإنكسارات، لكنها إنتفضت كطائر الفينيق ومن رحم كل ذلك صنعت نجاحاً يحسدها عليه كثيرون..
لهذا وأكثر فإن نجاحها لم يكن غيمة عابرة، بل إستمرت وستستمر بفضل الطاقة الإيجابية والموهبة التي إكتشفتها بالفطرة، وتتعرفون إلى وجهها الآخر وصورتها الجميلة في هذا اللقاء:
• أنت اليوم نجمة في عالم التمثيل، فهل تدركين حجم نجوميتك وماذا تقولين لنفسك حين ترينها في المرآة؟
– أنا لست أنا! حين يصبح المرء مشهوراً، يتحول إلى هوية الشخص الذي تحبه الناس وتعملين لهم! أنظر إلى المرأة وأقول: أين وقتي للأولاد ولنفسي، لا وقت لدي.. والناس تضعك تحت المجهر، لا يرحمونك إذا ظهرت بينهم على طبيعتك وبدون ماكياج، يجب أن تبقي متأهبة.. لا أستطيع الذهاب إلى السوبرماركت مرتاحة، أعيش للفن والنجومية وأعطي ما تبقى لعائلتي ولا يبقى لي شيء..
• لكنك سعيدة، صحيح؟
– حين أرى النجاح وحب الناس أشعر بالرضى وحين أشعر أنني أؤمن لأولادي ما يريدونه من رعاية، رغم التعب، أشعر أنني سوبر وومان. هناك جنود مجهولون حولي وأعتبر رضى الناس من محبة الله..
• زوجك جيسكار هو أحد الجنود المجهولين؟! أي هل كنت لتصلي إلى ما أنت عليه اليوم لولا دعمه؟
– ربما لوصلت إلى ما أنا عليه لكن بلا عائلة! فبدون رجل يستوعب عملك وغيابك ومزاجك المتقلب مرات ومرات، يصعب جداً أن تؤسسي عائلة.. موهبتي موجودة، وأنا أعرف حدودي وأعرف كيف أنظر إلى الجزء الممتلىء من الكوب، وأعترف أنه يدعمني ويتحمّلني..
• وكأنك تتحدثين عن الكارما.. حين نقول الجزء اللمتلىء من الكوب، فهل تؤمنين بأننا نزرع ما نحصد؟
– أؤمن بالكارما طبعاً لآخر الحدود فالحياة عبارة عن فعل وردة فعل.. سعيدة لأنك أول أحد يحدّثني عن الكارما.. لا يمكن أن تزرعي قمحاً وتحصدي شعيراً، الإنسان ضعيف وبقدر ما ارتقى بنفسه الحلوة وروحه وبقدر ما يحافظ على تغذية جسده وروحه، يرتد ذلك عليه إيجاباً.. ليس مفروضاً أن نكون ظالمين لأن الإنسان يجب أن يدرك أن كل شيء ينعكس عليه، وقد تتأخر النتائج لكن من المحال ألا تقع وتحدث.. أشعر أحياناً بعبء وثقل وسلبية من بعض الأشخاص، يتغير مزاجي ويؤلمني رأسي بلا سبب، لكن طالما أنا مؤمنة وواعية، فأعرف أن لا شيء يأتي بلا سبب وأن هناك أناس تنعكس سلبيتهم علينا وترهقنا! أفكر بإيجابية وأبعد الأفكار السلبية عن رأسي وأعمل على تحسين نظرتي للأمور، وإذا شعرت أنني غير قادرة على المواجهة، فالحل الوحيد هو الابتعاد..
• هل تحرصين على نقل هذه الأفكار إلى أولادك؟
– إبني مارك عمره 14 عاماً ويفهم في هذه الأمور وله نظرة بعيدة وواعية تجاه الأمور..
• هل يدرك مارك أن أمه نجمة؟
– مارك واع لنجوميتي ويحترم عملي وأنا Idol بالنسبة له، لكنني أتابعه عن كثب ولا أسمح له بأن يتكبّر على أحد وأريد أن يُبقي قدميه على الأرض، فأنا لا أريد لإبني أن يكون إبن نادين الراسي، لأنه بهذا سيكون لا شيء أريده أن يؤسس لشخصيته ومستقبله بنفسه!
• كيف تنفّسين عن الغضب؟
– أنا شخص يكبت المشاعر والمكان الوحيد الذي كان يريحني هو البحر ولا يزال، لكن لساني صار يساعدني أكثر.. بدأت معدتي تؤلمني وجسدي يتأثر لأنني إعتدت أن أكبت مشاعري وألا أعبّر، لكن هناك حدود لكل شيء.. لا يمكنك أن تعطي وتتحملي دون أن تحصلي على مساحة من التعبير، وإلا إنفجرت..
• ما هي حدود العصبية عندك؟
– حدود العصبية عندي قد تكون أن أكسر ما أحمله بيدي أو أقود السيارة وأبكي.. دموعي تساعدني كثيراً..ما كنت أبكي كثيراً، لكنني صرت أفعل ذلك، لأنني أؤمن بفكرة ألا أخبر أحداً عن أسراري وآلامي لأن جميعنا تتبدل آراؤنا وقناعاتنا ولا يمكن أن أظلم سواي وأتهمه بخيانة أمانة أسراري والبوح بها لآخرين، لأن الإنسان مزاجي بطبعه.. لذا أحتفظ بأموري لنفسي، ثم جميع الناس لديهم همومهم، وبالكاد يحملونها!
• لاحظت أنك تكررين عبارة: لم أكن هكذا، لكن صرت، ما يعني أنك تعملين على تطوير شخصيتك، فهل تتعمّدين ذلك؟
– (تضحك): الأمور المحيطة بي والتجارب تؤثر علي وأنا ممن تعلموا أن يحسّنوا بأنفسهم.. “كنت فوت بالحيطان”، لكن اليوم صرت أتصرف بذكاء أكبر لأنه ليس مسموحاً لإمرأة عمرها 33 عاماً، أن تقترف أخطاء كانت ترتكبها حين كانت في سن الـ 23.. آخر 3 سنوات حين حملت بإبني الثالث كارل شعرت بمسؤولية العائلة أكثر وهذا كان تحدياً كبيراً ومرهقاً. أحب عائلتي وأهلي بعد ربنا وأحب عملي، الذي أتعلم منه الكثير وأعشقه..
• لكنك لم تدرسي التمثيل؟
– لم أدرس التمثيل.. الحياة برأيي هي المدرسة مع إحترامي لكل خريجي معاهد التمثيل.. أول مرة حملت فيها جائزة موركس، شكرت ربي على كل ما مررت به من مآسي وحزن وفقر لأنني صرت إنساناً أفضَل وبتُّ أتاقلم مع كل شيء.. أنا أتحدى نفسي في أدوار كثيرة ألعبها مؤخراً وأعيش في شخصياتي ومعها..
• إختبرتِ الفقر؟
– أكيد.. زواجي الأول كان حين كنت في سن الـ 17 عاماً، وصرت أماً في سن الـ 18.. تخيلي أماً وزوجاً هو شاب صغير في السن في مراحل الحرب وما بعد الحرب في لبنان، كنا نركض معا لنؤمن الإيجار ونشتري الحفاظات.. تعلمت العجن، كنت أمزح الطحين والماء ولم أضع خميرة لقلّة خبرتي، لكن العجينة التي صنعتها كانت ممتازة وربما أفضل من تلك التي كانت تعجنها أمي! كنت أركض من مكان لآخر لأجني 100 دولار ولأظهر في إعلان تلفزيوني لأجني المال!
• واليوم؟
– عندي أكثر مما أستحق.. الإنسان يجب أن يجتهد ويتعب والله لا يتركه.. حياتي اليوم مزيج تجارب لا اخجل بها هي حياة متوازنة لكنها نتيجة مجهود وعدم استسلام ..
• إنطلقت من الإعلانات وتعودين إليها اليوم..
– عدت للإعانات لكن بطريقة مختلفة اليوم ومن الباب العريض، الشركات يهمها أن تكون الـ image الخاصة بها شخص يحبه الناس ويثقون به، وأنا لا أخذع الناس الذين يحبونني.. إعلاناتي ليست كثيفة، لكن أثق بها 100 %
• لديك ثلاثة شبان، إذاً أنت أم الصبيان.. حين يكبرون سيصبحون كـ Body Guards حولك..
– صحيح.. حين يسير إبني مارك بجانبي وقد صار عمره 14 عاماً، لا يصدق الناس أنه إبني لأن طوله 1.80
• لست معقّدة من سنك حسبما أرى..
– أبداً! كل تجعيدة في وجهي تروي حكاية عما مررت به، لذا أحب سنّي وأنا على إقتناع تام به وبشكلي.. مرة واحدة حاولت تكبير شفتي السفلى لتصبح متناسقة مع العليا، لكنني لن أبدل شكلي! أفهمُ أن تلجأ المطربة إلى التجميل، لكن الممثل يحتاج لكل إنفعال في وجهه، لذا أنا ضد عمليات التجميل أقله للممثلين..
• ُعرض لك في رمضان مسلسل مصري بعنوان “خرم إبرة” مع عمر سعد والإخراج لإبراهيم فخر ومن إنتاج كنج توت.. ظهرتِ في إطلالة خاصة ضمن ثماني حلقات حيث لعبتِ دور صبية لبنانية تغادر لبنان إلى روسيا وتتزوج رجلاً أكبر منها وهو تقريباً في سن والدها وتعيش معه إلى أن يظهر عمر سعد في حياتها، فتعيش صراعاً بين الحب والزواج.. تخون زوجها بالفكر ولكن ليس بجسدها، فتمرض وتموت.. فما هي نظرتك إلى الخيانة؟
– حين يغرم المرء، يكون ضعيفاً جداً وأن توضع إنسانة بهذا الموقف، فالموت ليس مفاجئة أبدا، فهي بقدر ما ترفض الخيانة، تريدها.. عشتُ حالة غريبة في العمل وهو دور صعب.. ببساطة هناك أسباب للخيانة وإلا لم يخون الناس؟ الخيانة ليست لذّة، والحب لا يكفي ليستمر الزواج وإلا إنهار في لحظة ضعف!
• أخبريني عن مشروعك الجديد في السينما ؟
– إنه فيلم كتبته هيام أبو شديد بعنوان “عند منتصف الليل”، ولدي إجتماع مع المنتج مروان حداد لنقرر إن كنا سننطلق بتصويره أم سنصور قبله مسلسلاً طويلاً من 90 حلقة لصالح قناة الـ MTV اللبنانية بعنوان “حب مجنون” ..
• هذا ليس أولى تجاربك في السينما، صحيح؟
– قدمت سينمائياً فيلم “غنوجة بيا” مع ريتا برصونا و “خليك معي” مع عمار شلق.. لا تستهويني السينما كثيراً لأنه ليس لدينا صناعة سينما في العالم العربي..
• تصرين على أن تتحدثي في جميع أعمالك باللهجة اللبنانية، لم ذلك؟
– لا مشكلة لي مع أي لهجة عربية وأعرف أن أؤديها جميعها حتى انني تكلمت اللهجة الروسية في “خرم ابرة”، لكن عندي مشكلة أن أدخل لأي بلد عربي، إلا بهويتي..
• إذاً الأمر ليس مصادفة؟
– أبداً، وإلا كنت بدأت من 10 سنوات في مصر.. كنت أشترط اللهجة اللبنانية في البداية، لكن اليوم صارت جميع الدول العربية تعرف أنني لبنانية وقد أؤدي قريباً شخصية شابة صعيدية وسأتكلم لهجة أهل الصعيد..
• تصورين اليوم مسلسل “لولا الحب” الذي كان يفترض أن يعرض في رمضان الحالي لكنك لم تلحقوا وفضلت ألا تدخلي في سباق مع الزمن..
– صحيح.. وألعب في المسلسل دور إعلامية مغرمة بشاب وهو إبن أنطوان كرباج ويلعب دوره الممثل يوسف حداد.. تدخل الإعلامية في صراع مع والد حبيبها لأنها تحارب الفساد البيئي الذي يمثّله هو.. نعالج الفساد وقضية الأم العزباء التي تقرر أن تستمر بحملها وألا تقتل من أحبته مرتين بعد أن توفي حبيبها وهما في طريقهما للزواج.. حملت ومات الأب دون زواج شرعي، وبدأ صراع المعتقدات والمجتمع وصراعها كإنسان، ما خسرته وربحته ونظرة المجتمع إليها..
• أنت مع هذه الفكرة أي الأم العزباء؟
– أنا مع أمور كثيرة وحرام أن تحرم المرأة من أمومتها لأنها لم تجد رجلاً يفهمها وتفهمه، لكن حرام أن يعيش الطفل دون أب.. لكنني في مجتمع يحرم ذلك ولا يوافق عليها، لذا لن أقدم على أي أمر ضد مجتمعي، ولو كنت خارج هذا المجتمع، ربما كنت فعلتها!
• ألست خائفة من الدور؟
– أبداً ولعبته بإحساس وصدق.. أحترم من يشتمني بوجهي وأحتقر من يتحدث عني بالسوء من وراء ظهري.. الناس سيحبون العمل، وسبق وعالجت موضوعاً جريئاً في مسلسل “غلطة عمري” حين صورنا الشابة التي يدعمها أهلها على الرذيلة طالما أنهم يستفيدون منها..
• شكراً نادين.. الحوار معك أكثر من ممتع..
– وشكراً لكم، وأنا أيضاً إستمتعت..