إسمها يعد من ألمع الأسماء في مجال الإنتاج التلفزيوني على صعيد لبنان والعالم والعربي، ولها له باع طويل في مجال الإعلام. إنها المنتجة والإعلامية نادين مجذوب التي إلتقيناها وكان لنا معها هذا الحوار.
نادين مجذوب، بداية مع مهنة المتاعب (الصحافة)، لماذا اخترتِ هذا الاختصاص بالذات؟
لأني ببساطة لم أفكر بالمصاعب، اخترتها لأني أحب هذه المهنة، لاسيما وأني تربّيت في زمن الحرب، فكانت وسيلة ربما للتعبير عن آرائي وآراء جيلي. طبعاً لم أكن أفهم بالمعنى المهني ما هي مهنة الصحافة، إنّما كنت من المتابعين لنشرات الأخبار. وكان التلفزيون يجذبني بشكل خاص، ولهذه الأسباب امتهنت الصحافة التلفزيونية.
كيف تقيّمين فترة عملك في تلفزيون لبنان كمراسلة لأحداث مهمة، منها الاجتياح الاسرائيلي وعملية عناقيد الغضب وصولاً إلى المحاكمات التي جرت في فترة التسعينيات؟
هي الفترة التي تعلّمت فيها أسس المهنة بكل ما للكلمة من معنى، خمس سنوات كانت غنيّة بالعلم والمعرفة، طبيعة البلد في تلك الفترة والأحداث التي جرت على تنوعّها من إعمارٍ إلى حرب إلى محاكمات إلى نوع من نهضة، كلّ هذا التحرّك خلق جوّاً مميّزاً ومختلفاً لأيّ صحافي مبتدئ، يريد فعلاً التعلّم وتثبيت قدراته في هذا المجال. ما كان ينقصني في تلك الفترة، وهو ما أدركته لاحقاً عندما أُفسح لي المجال للعمل خارج لبنان، هو الخبرة في العمل التلفزيوني .
من الصحافة الى العمل في الانتاج التلفزيوني والذي يتطلب مهارات خاصة، ماذا يميزك عن غيرك في هذا المجال؟
الصحافة ليست بمهنة بقدر ما هي حس، إنّما المهنة فهي الاختيار بين الصحافة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، وبالتالي فأنا لم أنتقل من مهنة إلى مهنة، بل تطوّرت في مجال الصناعة التلفزيونية، وهذا ما يميّزني في هذا المجال، علماً أننّي مقتنعة بأنّ الصحافة التلفزيونية بحد ذاتها مدرسة تعلم أهم أسس العمل التلفزيوني : السرعة والتقيّد بجدول زمني محدود، معرفة كيفية انتقاء الأهم وكيفية وضعه تحت المجهر بأفضل أسلوب ليصل إلى كل الناس. ونحن في زمن كل ما نعيشه يومياً، وهنا لا أتكلم فقط عن لبنان أو المنطقة بل عالمياً، هو خبر وكل خبر ممكن أن تحوله إلى برنامج سياسي أو غير سياسي.
عملت كمنتجة أو معدة للعديد من البرامج المتلفزة، اي برنامج تتمنى نادين أن يعاد انتاجه وعرضه من جديد ولماذا؟
بموضوعية ولا برنامج! ببساطة لان كل برنامج كان له زمنه، كما أن منطق السكوب أو البرنامج الأفضل انتهى. العصر يتطلب سرعة في فهم كيفية تطوّر الناس واختلافهم على حد سواء، ناهيك عن سوق الإعلان الذي تبدّل كثيرا خاصة في السنوات الخمس الأخيرة، كما أن التحدي هو أن تعرف متى تنتج برنامجاً معيناً ومتى توقفه، أو تجعله جزءاً من حياة الناس اليومية.
في أغسطس 2012 أطلقتي برنامج عالم الصباح عبر المستقبل باطلالة جديدة ومحتوى مختلف واضفت بعض الفقرات الجديدة على البرنامج، ماهي الصعوبات التي واجهت نادين في تغيير وجهة برنامج يبث على مدى أكثر من 15 سنة؟
عالم الصباح هو من أجمل البرامج التي ساهمت في إنتاجها، وكل يوم أستمتع أكثر فأكثر. بكل موضوعية وصراحة أقول أنني لم أواجه صعوبة بالمعنى الحقيقي والجدّي، طبعا كانت هنالك بعض التفاصيل الطبيعية التي ممكن أن تواجَه خلال إطلاق أيّ برنامج، إنّما لم يكن هناك من صعوبات تُذكر، والسبب أو الفضل في ذلك يعود أولا إلى إرادة كلّ العاملين والإعلاميين العاملين في هذا البرنامج منذ سنوات وتقبّلهم فكرة التجديد أولاً، وزملاء جدد ثانياً. التحدي كان في الاستمرارية، عالم الصباح هو أول برنامج صباحي في العالم العربي، وهو مدرسة في حد ذاتها، فأنا كنت من متابعي البرنامج عندما عشت في الخارج يومياً. أنا لم أغيّر وجهة برنامج عالم الصباح أبداً، بل على العكس ما أضفته هو بعض “العصرنة”. إنّما الأهم هو ما يشعره كل مشاهد أنّ عالم الصباح بيته، والوجوه التي يراها يومياً هي عائلة، وأن يواكب عالم الصباح أي مشكلة أو حدث لحظة بلحظة، أن يشعر المشاهد أنّ هذا البرنامج هو مجموعة ناس تشاركه فرحه وأحزانه، وتعطيه المعلومة بدون تكلّف أو فوقية بل تشاركه المعلومة. عالم الصباح ليس برنامج فقط، هو عائلة بكل ما للكلمة من معنى.
ما هي هذه الفقرات التي اضيفت على البرنامج وكيف تقيميها؟
كثير من الفقرات أُضيفت، والكثير من الفقرات ستُضاف، وبعض الفقرات توقفت لتعاود بعد فترة. كما ذكرت ما فعلته هو “عصرنة” البرنامج، ولنجاري العصر يجب أن نتقبّل التجديد والتجدّد كل يوم، وهذا ما نفعله، وسنفعله دائماً. ما أستطيع قوله هو أنه اليوم من الصعب جداً لأيّ برنامج صباحي أن ينافس عالم الصباح، حتى لا أقول من المستحيل، علماً أنني متأكدة انه من المستحيل، عالم الصباح خارج أيّ منافسة في فئته.
“ايه بس بس” برنامج Relooking مع الأخصائية لاما لاوند برنامج مختلف على طريقة التلفزيون الواقع، كيف كانت أصداؤه وخاصة مع الناس في الشارع؟
الحمدلله أعتقد أن هذا البرنامج حقق نجاحاً ملحوظاً في رمضان، هذا البرنامج مختلف على أكثر من صعيد: بدءاً بالاسم، وصولا إلى المحتوى الذي يُعتبر خارج إطار شبكة برامج شهر رمضان المبارك، إلى إنتاجه على طريقة تلفزيون الواقع، إلى المقدّمة والمعدّة السيدة لمى لاوند التي كانت مدماك الأساس في هذا البرنامج، ليس فقط لأنها صاحبة اختصاص، إنما لخبرتها الطويلة في مجال التقديم، والأهم لشخصيتها المميزة جداً وقربها من الناس، وأنا طبعاً اشكرها لان كل يوم تصوير كان تجربة بحد ذاتها.
ما رأيك في البرامج المأخوذة من أفكار أجنبية ومقدمة بنسخ عربية؟
لست بمكان لأقيّم أيّ برنامج، الأفكار هي نفسها في كل العالم إنما المجتمعات تختلف، والثقافات تختلف. هذا زمن العولمة، أنا لست ضد، إنّما أخاف من أن يؤثّر ذلك على إبداع الإنتاج العربي. من السهل إنتاج نسخة عربية حتى لو كانت التكلفة عالية جداً، إنّما خلق برنامج من الصفر أصعب بكثير انتاجياً ويتطلب خبرة عالية. اذا استمرينا بنسخ أفكار أجنبية سنفقد النكهة التي نتميز بها.
ما هي النصيحة التي تقدمها نادين الى كل صحافي أو صحافية في بداية مشوارهم المهني؟
القراءة ثم القراءة، وتقبّل النصائح وطبعاً التواضع، الذي أصبح شبه مستحيل!